القدس المحتلة: تجنيد النساء في الجيش الإسرائيلي في ظل الحرب على غزة
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعاني الجيش الإسرائيلي من نقص حاد في القوى البشرية، مما دفعه إلى زيادة الاعتماد على النساء في المهام القتالية. ارتفعت نسبة الإسرائيليات في الوحدات القتالية من 14% قبل الحرب إلى 21% حاليًا، مما يعكس تحولًا ملحوظًا في دور النساء داخل الجيش.
واقع تجنيد النساء في الجيش الإسرائيلي
تُعد إسرائيل واحدة من الدول القليلة التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء، بموجب قانون "الخدمة الأمنية" الصادر عام 1949. يُلزم هذا القانون اليهوديات بالخدمة عند بلوغهن سن 18، مع استثناءات للمتزوجات أو المتدينات. ورغم أن المتدينات يُعفَين من الخدمة العسكرية، يُطلب منهن أداء خدمة وطنية مدنية بديلة.
تشير التقارير إلى أن النساء يشكلن اليوم 21% من القوة القتالية للجيش الإسرائيلي، مع استدعاء نحو 65 ألف جندية احتياط منذ بداية الحرب. ورغم أن هذا التوسع قد يُخفف من الضغط على الجيش، إلا أنه لا يعالج الأسباب الجوهرية لأزمة التجنيد.
تغير أدوار النساء في الجيش عبر الزمن
شهدت العقود الأخيرة تغيرًا تدريجيًا في وضع المرأة العسكرية. ففي الثمانينيات، بدأ الجيش في تأهيل النساء لبعض المهام القتالية، ومع قرار المحكمة العليا عام 1995، تم فتح الباب أمامهن للانضمام إلى دورات الطيران القتالي. ومنذ ذلك الحين، أصبحت النساء جزءًا من سلاح المشاة والمدفعية والدفاع الجوي.
دلالات وأسباب التوسع في تجنيد النساء
يأتي تصاعد مشاركة النساء في الوحدات القتالية نتيجة نقص حاد في عدد الجنود، خاصة مع الخسائر البشرية الكبيرة. منذ بداية الحرب، قُتل 866 عسكريًا، مما يعكس الضغط المتزايد على الجيش. كما يواجه الجيش تحديات في تجنيد اليهود الحريديم الذين يرفضون الخدمة العسكرية لأسباب دينية، مما دفع القيادة العسكرية إلى البحث عن بدائل بشرية لتعويض هذا النقص.
هل يلبي تجنيد النساء احتياجات الجيش؟
رغم أن تجنيد النساء قد يساعد في سد الفجوة، إلا أن مكتب المدعي العام الإسرائيلي أقر بأن الهدف من تجنيد الحريديم لا يلبي احتياجات الجيش. وقد تم اتخاذ خطوات لإصدار أوامر استدعاء للخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية، مما يعكس الضغوط المتزايدة على الجيش.
طبيعة المهام التي تؤديها المجندات
قبل 7 أكتوبر، كانت معظم النساء في الجيش الإسرائيلي يؤدين مهام دفاعية منخفضة المخاطر، مثل الحراسة على الحدود أو الوظائف المكتبية. لكن بعد اندلاع الحرب، تم إدخال العديد منهن في الخطوط الأمامية، ليشاركن في عمليات ميدانية ضمن سلاح المشاة والمدفعية والدفاع الجوي.
العقبات التي تواجه المجندات الإسرائيليات
تواجه المجندات في الجيش الإسرائيلي عدة عقبات، منها التحفظ الديني من بعض التيارات، والتحرش الجنسي، والتمييز الوظيفي. رغم أن 88% من الوظائف العسكرية مفتوحة نظريًا أمام النساء، إلا أنهن لا يشغلن سوى 60% منها فعليًا.
مشاركة النساء في خدمة الاحتياط
حتى منتصف التسعينيات، كانت خدمة النساء في الاحتياط شبه معدومة. لكن مع فتح مجالات جديدة، بات يُشترط على بعض المجندات الالتزام بالخدمة الاحتياطية كجزء من تأهيلهن لمناصب عسكرية. وقد ارتفعت نسبة النساء في الاحتياط بشكل تدريجي، مما يعكس تحولًا في دورهن داخل الجيش.
إجماع المجتمع الإسرائيلي حول الخدمة العسكرية للنساء
لا تمثل الخدمة العسكرية للنساء إجماعًا داخل المجتمع الإسرائيلي. فبينما تطالب الحركات النسوية بتكافؤ الفرص، يعارض المتدينون تجنيد النساء، معتبرين أنه تهديد لهويتهم الدينية. ورغم الضغوط العسكرية والديموغرافية، لا تزال مشاركة المرأة قضية خلافية تواجه تحديات متعددة.
في الختام، يبقى تجنيد النساء في الجيش الإسرائيلي موضوعًا معقدًا، يتداخل فيه الأبعاد العسكرية والاجتماعية والدينية، مما يعكس التحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي في ظل الأزمات المستمرة.