معضلة أمنية جديدة لإسرائيل: الحوثيون في الواجهة
أجمع محللون وخبراء على أن إسرائيل تواجه معضلة أمنية مستجدة، نتيجة الضربات المتواصلة التي يوجهها الحوثيون من اليمن. هذه الضربات لم تكن مجرد هجمات عسكرية، بل بعثت برسائل سياسية وعسكرية واضحة، في وقت تجد فيه تل أبيب نفسها وحيدة في هذه الجبهة بعد انكفاء واشنطن.
تصعيد الحوثيين
جاءت الضربة الأخيرة بعد أيام من استهداف مطار بن غوريون، أحد أهم المنشآت الحيوية في إسرائيل. الهجوم الذي تسبب بحالة من الذعر الواسع أدى إلى وقف الطيران واندفاع ملايين الإسرائيليين نحو الملاجئ، مما يعكس مدى تأثير هذه الضربات على الأمن الداخلي الإسرائيلي. ورغم أن تل أبيب أكدت أن منظومة "حيتس" الدفاعية نجحت في اعتراض الصاروخ، إلا أن فشل منظومة "ثاد" الأميركية للمرة الثانية خلال أسبوع أعاد الجدل حول فعالية هذه الأنظمة أمام الصواريخ الفرط صوتية التي أعلنت جماعة أنصار الله استخدامها.
العزلة الإسرائيلية
في ظل هذه الظروف، يرى الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي أن إسرائيل باتت وحيدة ومحرجة. فقد كان صمتها مقبولاً عندما كانت الضربات الأميركية تستهدف الحوثيين، لكنها الآن مضطرة للرد بنفسها، دون غطاء أميركي. هذه المعادلة تعكس معضلة عسكرية، إذ لا تملك إسرائيل حلاً ميدانياً فعالاً لهذه الضربات، وليس لديها نية لحل سياسي في غزة، مما يعني استمرارها في دائرة رد بلا نتيجة.
تراجع الشعبية
تتأثر حكومة بنيامين نتنياهو بشدة من هذه الأحداث، حيث أظهرت استطلاعات الرأي انحدار تمثيل مركبات الحكومة، مما يعكس الغضب الشعبي المتزايد من الأداء السياسي والعسكري. بينما طالب زعيم المعارضة بتكثيف الضربات على اليمن، أشار خبراء عسكريون إلى أن بنك الأهداف في اليمن مستهلك تقريباً، مما يزيد من تعقيد الوضع.
اختراق نوعي
إن مجرد إطلاق الصاروخ ووصوله إلى محيط مطار بن غوريون يمثل اختراقاً نوعياً بحد ذاته. هذا الهجوم لم يسقط فحسب، بل أحدث أضراراً اقتصادية واجتماعية، وأربك صورة إسرائيل كقوة ردع مفترضة. في الوقت الذي تحاول فيه تل أبيب فرض هيمنتها الإقليمية، يظهر هذا التصعيد كدليل على عجز التحالف الأميركي الإسرائيلي عن ردع الحوثيين.
العزلة الممتدة
تواجه إسرائيل عزلة ممتدة تشمل ملفات إيران وسوريا وغزة، مما يضعف قدرتها الإستراتيجية على المواجهة. الضربات على اليمن دون جدوى استراتيجية تعكس أزمة عميقة في بنية الردع الإسرائيلية، خصوصاً أن الحوثيين أعلنوا أن اتفاقهم مع واشنطن لا يشمل وقف استهداف إسرائيل. هذه المعادلة تجعل تل أبيب عرضة لهجمات متكررة، مما يزيد من شعور المجتمع الإسرائيلي بالإرهاق.
تأثيرات على المؤسسة العسكرية
تعاني المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من إنهاك واضح، بعد حرب طويلة فشلت في تحقيق أهدافها. التقارير تشير إلى أن 12% من جنود الاحتياط يعانون من صدمة ما بعد الحرب، مما يعكس تأثير هذه الأحداث على الروح المعنوية للجيش. في ظل هذه الظروف، يبدو أن الردع الذي تستند إليه المؤسسة الأمنية مثقل بالفشل، مما يُضعف مكانة إسرائيل إقليمياً ويؤثر على هيبتها عالمياً.
الخاتمة
تتجه إسرائيل نحو مرحلة جديدة من التحديات الأمنية، حيث تبرز الحوثيون كقوة غير تقليدية قادرة على تهديد أمنها. في ظل غياب الدعم الأميركي، تجد تل أبيب نفسها في موقف صعب، مما يتطلب منها إعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية والسياسية لمواجهة هذه التحديات المتزايدة.