تصاعد التوترات: إيران وإسرائيل في ظل غياب الحلول
ما كان يُعتبر سابقًا مجرد تكهنات عسكرية إسرائيلية، أصبح اليوم أقرب إلى واقع محتمل، في ظل انسداد أفق المفاوضات بين طهران وواشنطن. التقارير الواردة من وكالة "رويترز" وتصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي تشير إلى انعدام خطة بديلة، مما يزيد من حدة التوترات في المنطقة.
مقايضات جيوسياسية على رقعة ملتهبة
يرى الباحث السياسي حسين عبد الحسين، في مداخلة على قناة "سكاي نيوز عربية"، أن إيران لا تمتلك جبهة موحدة مع روسيا يمكن الاعتماد عليها. وفقًا لعبد الحسين، فإن التحالف الروسي–الإيراني هو في الواقع شراكة تكتيكية هشة، قد تتفكك في أي لحظة إذا اقترب أحد الطرفين من صفقة أكبر مع واشنطن. هذا التوجه يعكس ديناميكية جديدة في فهم التموضع الإيراني، حيث يمكن أن تُستخدم طهران كـ"ورقة" في لعبة المقايضة الكبرى.
إسرائيل: الضربة إذا شعرنا بتهديد وجودي
تتجاوز تصريحات عبد الحسين الجانب الروسي الإيراني، حيث تتناول دوافع القرار الإسرائيلي المحتمل بتوجيه ضربة عسكرية. يعتبر عبد الحسين أن إسرائيل ترى البرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي، وليس مجرد مسألة تفاوضية. هذا الفارق المفاهيمي بين واشنطن وتل أبيب يؤدي إلى اختلاف في الحسابات، حيث قد تضرب إسرائيل دون انتظار موافقة أميركية إذا شعرت بأن إيران تحاول تحويل اليورانيوم إلى سلاح.
ترامب بين "الضوء الأخضر" و"الصفقة الكبرى"
يربط عبد الحسين توقيت أي ضربة إسرائيلية برغبة ترامب في إقناع الداخل الأميركي بأنه استنفد كل المسارات الدبلوماسية. ترامب لن يمنح الضوء الأخضر قبل أن تُستنفد أوراق التفاوض، مما يبرز البعد الداخلي الأميركي ويعيد تسليط الضوء على حاجة ترامب إلى توازن بين القوة والشرعية.
اللعبة الموسيقية.. من سيُستبعد؟
يصف عبد الحسين المشهد السياسي بأنه "لعبة الكراسي الموسيقية"، حيث يدور الثلاثي (روسيا، إيران، أميركا) في حلقة من التفاوض والمقايضات. في هذا السياق، قد لا تمانع موسكو في التخلي عن إيران مؤقتًا إذا ضمنت مكاسب استراتيجية في الملف الأوكراني أو في اتفاق جديد مع واشنطن.
هل تملك إيران خطة؟
الواقع الذي ترسمه تصريحات عبد الحسين يقود إلى استنتاج بالغ الأهمية: طهران لا تملك خطة بديلة واضحة في حال فشلت مفاوضاتها مع واشنطن. كل ما لدى النظام الإيراني اليوم هو خطاب تشدد بشأن "حق تخصيب اليورانيوم"، يقابله ضعف في التحالفات وتحفظات روسية وصينية عند لحظة القرار.
الخاتمة: هل ستنجو طهران؟
السؤال الحاسم اليوم لم يعد: "هل ستضرب إسرائيل؟" بل: "إذا ضربت، فهل تملك طهران ما يكفي لتنجو؟" في ضوء ما سبق، تبدو طهران كمن يقاوم عاصفة دون بوصلة. وفي لعبة المقايضات الكبرى، قد تكون الورقة الأضعف في يد من يفاوض على طاولة لا يجلس عليها.