اقتصاد صدى: ترقب وخوف في الأسواق العالمية
تسود أوساط الأسواق العالمية حالة من الترقب والخوف نتيجة القرارات التصعيدية التي اتخذها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". فقد أثارت تهديداته بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين قلق المستثمرين، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد ليشمل شركاء تجاريين رئيسيين مثل بنما والاتحاد الأوروبي. تعتبر هذه الرسوم أكبر تحرك يقوم به رئيس أمريكي منذ حوالي قرن، مما يزيد من حدة التوترات التجارية العالمية.
التداعيات الأولية لتصعيد "ترامب"
تشير المعطيات إلى ارتفاع تكلفة التأمين ضد تخلف الشركات الآسيوية عن السداد، حيث سجل مؤشر "Markit iTraxx Asia ex-Japan" أكبر زيادة يومية له منذ ستة أشهر بعد إعلان تنفيذ الرسوم الجمركية. كما تراجع مؤشر "MSCI" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكثر من 2%، وسط توقعات بتأثير كبير على صادرات آسيا إلى الولايات المتحدة.
تتوقع "كارل شاموتا"، كبير استراتيجيي الأسواق في "كورباي" بـ"تورونتو"، أن تشهد الأسواق المالية عملية تصحيح مؤلمة خلال الأسابيع المقبلة، حيث يبدأ المشاركون في السوق بأخذ تصريحات الرئيس بجدية. من جانبه، أشار "ستيفن إنغلندر"، رئيس أبحاث العملات في "ستاندرد تشارترد"، إلى أن الأسواق لم تكن مستعدة لهذا التصعيد، مما يزيد من حالة عدم اليقين.
تأثيرات على أسواق السلع
كانت التداعيات الأولية على أسواق السلع واضحة، حيث ارتفع الدولار الأمريكي مع رهانات على أن الرسوم الجمركية ستؤجج التضخم. في المقابل، فقدت أسعار الذهب بعض مكاسبها رغم التوترات المتزايدة. هذه التحولات تعكس القلق المتزايد بين المستثمرين حول مستقبل الاقتصاد العالمي.
السيطرة على بنما
إلى جانب فرض الرسوم الجمركية، هدد "ترامب" بالسيطرة على قناة "بنما"، بحجة أنها بُنيت بواسطة الولايات المتحدة سابقًا. في هذا السياق، تواصل رئيس بنما "خوسيه راوول مولينو" مع وزير الخارجية الأمريكي "ماركو روبيو"، وأخبره أنه سيدرس إلغاء اتفاقية طريق الحرير مع الصين، التي تم توقيعها في 2019 لتعزيز التجارة البحرية. تعتبر قناة "بنما" نقطة عبور رئيسية للسلع بين آسيا وأمريكا، وأي تدخل أمريكي قد يؤثر بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية.
تهديدات للاتحاد الأوروبي
جدد "ترامب" تهديده للاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جديدة، مشيرًا إلى "العجز التجاري بين الطرفين". وأكد أن هذا الوضع سيتغير قريبًا، مما يزيد من حدة التوترات بين الولايات المتحدة وأوروبا.
ردود الفعل الدولية
ردت الدول على هذه التهديدات بشكل سريع. أعلن رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو" عن فرض تعريفة انتقامية بنسبة 25% على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار كندي. كما تعهدت رئيسة المكسيك "كلوديا شينباوم" بفرض رسوم مماثلة، مؤكدة على أن "سيادة بلادها غير قابلة للتفاوض". من جانبها، أكدت وزارة التجارة الصينية أنها ستتخذ إجراءات مضادة متكافئة، وستقدم شكوى لمنظمة التجارة العالمية.
تأثيرات على القطاعات الاقتصادية
تأثرت العديد من القطاعات الاقتصادية بشكل كبير. انخفضت أسهم تويوتا، هوندا، ونيسان بأكثر من 5% نتيجة تهديدات التعريفات الجمركية. كما تراجعت أسهم كيا الكورية الجنوبية التي تمتلك مصانع في المكسيك بنسبة 5%. شركات السيارات الكهربائية الصينية مثل "Li Auto" و"XPeng" تراجعت بنسبة 6% في هونغ كونغ.
أيضًا، انخفضت أسهم JD.com الصينية بعد إلغاء الإعفاء الجمركي الأمريكي للطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار. كما فقدت أسهم شركات إنتاج السلع الصغيرة مثل "Li Ning" و"Haier Smart Home" أكثر من 7%.
الخاتمة
تتجه الأنظار نحو المستقبل، حيث يترقب المستثمرون كيف ستتطور الأمور في ظل هذه التوترات التجارية المتزايدة. إن التصعيد الذي يقوده "ترامب" قد يغير ملامح الاقتصاد العالمي ويعيد تشكيل العلاقات التجارية بين الدول. في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل في أن تسود الحكمة والتفاهم بين الدول لتجنب المزيد من التصعيد الذي قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية أكبر.