تصاعد التوترات حول البرنامج النووي الإيراني: تهديدات وجودية وتداعيات إقليمية
في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، تبرز قضية البرنامج النووي الإيراني كأحد أبرز القضايا التي تهدد الاستقرار الإقليمي. حيث أشار الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الاستراتيجية، خليل أبو كرش، إلى أن محاولات تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالقوة تمثل تهديدًا وجوديًا لا يقتصر على إيران فقط، بل يمتد ليشمل دول المنطقة بأسرها.
المخاطر المحتملة لتفكيك البرنامج النووي
أوضح أبو كرش أن استهداف المنشآت النووية دون تنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي كارثي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات وقائية فعالة. في هذا السياق، أكدت الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية أن الهجوم الأخير على منشأة الماء الثقيل لم يسفر عن أي تسرب إشعاعي، مشيرة إلى اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة. ومع ذلك، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ضرورة الوصول الفوري لمواقع الهجمات لتقييم الأضرار، مشددة على خطر محتمل على الصحة العامة في المنطقة.
التصعيد الإسرائيلي وأهدافه الاستراتيجية
في خطوة تصعيدية، أعلنت إسرائيل أن إسقاط النظام الإيراني بات هدفًا استراتيجيًا. وقد استهدفت الصواريخ الإيرانية مؤخرًا مواقع عسكرية إسرائيلية، مما اعتبره مراقبون تحولًا نوعيًا في المواجهة. وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أكد أن تدمير البرنامج النووي الإيراني أصبح أولوية، مشيرًا إلى استعداد إسرائيل لدفع "ثمن وجودي" مقابل إزالة هذا التهديد، مما يعزز من احتمالية دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة.
الدعم الشعبي الإسرائيلي للحرب
أظهر استطلاع للرأي نشره معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن 70% من الإسرائيليين يؤيدون العملية العسكرية ضد إيران، بينما أبدى 60% دعمًا لفكرة إسقاط النظام الإيراني. ويشير المحللون إلى أن البرنامج النووي يمثل ركيزة شرعية للنظام في طهران، مما يجعل استهدافه مرتبطًا مباشرة بمصير القيادة الإيرانية.
الموقف الأمريكي: دراسة الخيارات العسكرية
في واشنطن، كشف موقع "وول ستريت جورنال" أن الرئيس دونالد ترامب وافق مبدئيًا على خطة لضرب منشآت نووية في إيران، دون إصدار أمر فوري بالتنفيذ. تأتي هذه الخطوة في محاولة لمنح طهران فرصة أخيرة، بينما طلب ترامب تقييمًا عسكريًا لمدى فاعلية القنبلة الخارقة للتحصينات في تدمير منشأة فوردو، دون التورط في حرب طويلة الأمد.
استعدادات إيرانية ودعوات للحوار
على الجانب الإيراني، أفادت مصادر لصحيفة "نيويورك تايمز" أن طهران مستعدة لعقد لقاء مع ترامب، رغم معارضة المرشد الأعلى علي خامنئي. وقد أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إيران ملتزمة بالدبلوماسية، لكنها تحتفظ بحق الدفاع عن النفس في وجه الهجمات الإسرائيلية.
التحركات العسكرية الأمريكية والإجراءات الاحترازية
في ظل التصعيد، قامت الولايات المتحدة بنقل بعض قواتها ومعداتها من قواعد في الشرق الأوسط، في خطوة وُصفت بأنها "وقائية" لتفادي هجمات إيرانية محتملة. هذه التحركات تعكس القلق المتزايد من تصاعد التوترات في المنطقة، وتؤكد على أهمية اتخاذ خطوات احترازية لضمان الأمن الإقليمي.
الخاتمة
تظل قضية البرنامج النووي الإيراني محورًا رئيسيًا في الصراع الإقليمي، حيث تتداخل فيها المصالح السياسية والعسكرية. إن التصعيد الحالي يثير مخاوف من تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والدولي، مما يستدعي جهودًا دبلوماسية مكثفة لتجنب الانزلاق نحو صراع مفتوح.