خفض توقعات النمو ورفع تقديرات التضخم: مشهد اقتصادي مضطرب
في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، شهد الاقتصاد الأميركي تحولات ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث تم خفض توقعات النمو ورفع تقديرات التضخم، مما يثير القلق بين المستثمرين والمراقبين. تعكس هذه التغيرات حالة من عدم اليقين، حيث تتشابك سياسات الفائدة مع تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
خفض توقعات النمو
أعلنت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، عن خفض توقعاتها للنمو الاقتصادي إلى 1.7%، وهو انخفاض ملحوظ عن التقديرات السابقة التي كانت تشير إلى 2.1% في ديسمبر. هذا التراجع يعكس القلق المتزايد بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي، حيث يتوقع المسؤولون أن يواجه الاقتصاد الأميركي تحديات كبيرة في المستقبل القريب.
رفع تقديرات التضخم
في الوقت نفسه، رفعت اللجنة توقعاتها للتضخم، حيث توقعت نمو الأسعار الأساسية بمعدل سنوي قدره 2.8%، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 2.5%. هذه الخطوات تشير إلى أن البنك المركزي يراقب عن كثب خطر الركود التضخمي، حيث يمكن أن يرتفع التضخم في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي. في بيانها، أكدت اللجنة أن "عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية قد زاد"، مما يعكس القلق السائد في الأسواق.
تأثير الرسوم الجمركية
تتزايد المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما قد يقلل من إنفاق المستهلكين. وقد أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن "التضخم بدأ بالارتفاع، ونعتقد أن ذلك يعود جزئياً إلى الرسوم الجمركية".
حالة عدم اليقين
تتسم الأجواء الاقتصادية الحالية بحالة من عدم اليقين، حيث يشعر المستثمرون بالقلق من تأثير السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة ترامب. يقول خبير الشؤون السياسية والاقتصادية، حميد الكفائي، إن المشهد الاقتصادي الأميركي يشوبه القلق والغموض، مشيراً إلى أن سياسة التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم دون تحقيق الفوائد المرجوة.
الركود التضخمي: هل هو خطر حقيقي؟
رغم المخاوف من الركود التضخمي، يستبعد الكفائي حدوثه في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن سوق العمل لا تزال منتعشة، وأن معدل البطالة منخفض. ومع ذلك، فإن ارتفاع التضخم قد يدفع نحو خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. في هذا السياق، يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي إجراء خفضين لأسعار الفائدة خلال ما تبقى من عام 2025.
الهبوط الناعم: هل لا يزال ممكناً؟
تتزايد المخاوف بشأن إمكانية تحقيق هبوط ناعم للاقتصاد الأميركي، حيث يشير تقرير لـ "نيويورك تايمز" إلى أن ضغوط الأسعار تراجعت بشكل ملحوظ، لكن التضخم الإجمالي لم يعد بعد إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. يتفق الاقتصاديون على أن الرسوم الجمركية تؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك، لكن تأثيرها على التضخم المستدام لا يزال غير واضح.
رسائل الفيدرالي
في ختام الاجتماع الأخير، أظهر الاحتياطي الفيدرالي توجهاً نحو تخفيض أسعار الفائدة، مما قد يشكل دعماً إضافياً للاقتصاد الأميركي. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة بشأن تأثير السياسات التجارية على النمو والوظائف. يشير الخبراء إلى أن البيانات الاقتصادية الحالية تعكس تراجعاً في ثقة المستهلكين، لكنهم يتوقعون أن يشهد الاقتصاد الأميركي تعافياً ونمواً جديداً في المستقبل.
الخاتمة
تتداخل العوامل الاقتصادية والسياسية في تشكيل المشهد الاقتصادي الأميركي، مما يخلق حالة من عدم اليقين. بينما يترقب المستثمرون والمراقبون خطوات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة، يبقى السؤال الأهم: هل يواجه الاقتصاد الأميركي خطر الركود التضخمي، أم أن الهبوط الناعم لا يزال ممكناً؟ في ظل الظروف الحالية، يبدو أن الاقتصاد الأميركي يواجه تحديات كبيرة، لكن الأمل في التعافي لا يزال قائماً.