اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني: نافذة جديدة على تاريخ مصر القديمة
في قلب صحراء الأقصر، حيث تتناثر آثار تاريخ مصر العريق، تم الكشف عن واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في العقود الأخيرة. بعد أكثر من قرن على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعلنت مصر عن العثور على مقبرة ملكية جديدة تعود للملك تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في موقع يبعد 2.4 كيلومتر فقط عن وادي الملوك. هذا الاكتشاف ليس مجرد إضافة جديدة إلى قائمة الآثار المصرية، بل هو خطوة هامة نحو فهم أعمق لتاريخ الفراعنة.
تفاصيل الاكتشاف
بحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن مقبرة الملك تحتمس الثاني تُعتبر "آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة". وقد تم اكتشافها أثناء أعمال حفائر بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر. يؤكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن المعلومات المتداولة حول اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني باعتبارها المقبرة الملكية الثانية بعد مقبرة توت عنخ آمون "غير دقيقة"، مشيرًا إلى أن هناك مقبرة قديمة تم اكتشافها بالفعل عام 1939 للملك بسونيس الأول.
أهمية الاكتشاف
يصف محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الاكتشاف بأنه من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة. فقد تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك تحتمس الثاني، الذي لم يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف العالمية. الأواني الألبستر التي عُثر عليها تحمل نقوشًا تحمل اسم الملك تحتمس الثاني، مما يؤكد هوية صاحب المقبرة.
لحظات من الدهشة
يقول الدكتور بيرز ليزرلاند، مدير البعثة الأثرية، إن العثور على جزء من السقف الأصلي للمقبرة، المزخرف باللون الأزرق ومرصع بالنجوم الصفراء، كان لحظة مذهلة. وقد عبر عن مشاعره عند اكتشاف المقبرة قائلاً: "الإحساس الذي يصاحب العثور على شيء غير متوقع هو شعور مذهل". ومع ذلك، كانت المفاجأة أن المقبرة كانت فارغة تمامًا، مما يشير إلى أن محتوياتها قد تم نقلها إلى مكان آخر في العصور القديمة.
أسئلة محيرة
رغم أهمية الاكتشاف، إلا أنه يثير العديد من الأسئلة المحيرة. لماذا دُفن تحتمس الثاني وحده في هذا المكان بينما دُفنت حتشبسوت في وادي الملوك؟ ولماذا هذه المقبرة هي المقبرة الملكية الوحيدة في الوادي الغربي؟ هذه الأسئلة تثير الحيرة والدهشة في أذهان العلماء والباحثين، ولا يوجد حتى الآن جواب شافٍ يمكن أن يفسر أسبابها.
من هو تحتمس الثاني؟
تحتمس الثاني هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة، وقد حكم من حوالي 1549/1550 إلى 1292 قبل الميلاد. اعتلى العرش عام 1493 قبل الميلاد، وتزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت. ورغم أنه لم يُعرف عنه الكثير من الإنجازات، إلا أن فترة حكمه كانت مليئة بالتحديات، حيث واجه تمردات في النوبة والشام.
الخاتمة
إن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني يمثل بداية لفصل جديد في فهم تاريخ مصر القديمة. مع استمرار الحفريات ودراسات المقبرة، قد نكتشف المزيد من القصص التي ستساعد في إعادة رسم صورة أكثر اكتمالًا للملوك الذين حكموا مصر القديمة. هذا الاكتشاف يعيد تسليط الضوء على أهمية وادي الملوك والأماكن المحيطة به في كتابة تاريخ الفراعنة، ويؤكد أن الماضي العريق لا يزال يحمل الكثير من الأسرار التي تنتظر من يكشف عنها.